رفضت لجنة الشؤون الصحية بمجلس النواب وضع قيد على النيابة العامة يمنع التحقيق في قضايا المسؤولية الطبية قبل صدور تقرير اللجنة العليا، وشددت على عدم دستورية النص الذي طالبت به نقابة الأطباء، كما حاول عدد من النواب الضغط على نقيب الأطباء أسامة عبد الحي لإلغاء الجمعية العمومية الطارئة الذي دعا لها الجمعة المقبل لإعلان الموقف من مشروع قانون المسؤولية الطبية.
واستبق مجلس النواب الجمعية العمومية الطارئة التي دعا نقيب الأطباء أسامة عبد الحي لعقدها الجمعة المقبل، اعتراضًا على مشروع قانون المسؤولية الطبية، وأعلن الاستجابة لنحو 95% من مطالب الأطباء، وحذف مادة الحبس الاحتياطي، وتعديل النصوص الخاصة بحبس مقدمي الخدمة الطبية التي تعترض عليها نقابة الأطباء.
وخلال جلسة اليوم، وافقت اللجنة على نص المادة 18 من مشروع قانون المسؤولية الطبية وسلامة المريض بعد تعديلها بما يتوافق مع بعض مطالب الأطباء.
ونصت المادة بعد تعديلها على أن "اللجنة العليا هي الخبير الفني لجهات التحقيق أو المحاكمة في القضايا المتعلقة بالمسؤولية الطبية، سواء من خلال الاستعانة بها أو بالتقارير المعتمدة الصادرة عن اللجان الفرعية للمسؤولية الطبية التي تشكلها، أو الاستعانة بأحد أعضاء المهن الطبية من أعضائها أو باللجان المتخصصة التي تشكلها".
وقال وكيل لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية والقيادي بحزب مستقبل وطن النائب إيهاب الطماوي "لا يجوز تقييد النيابة العامة ومنعها من بدء إجراءات التحقيق، الدستور المصري ألزم سلطات التحقيق استجواب المتهم خلال 24 ساعة".
وجدد نقيب الأطباء طرح بعض الأمثلة التي تضع قيودًا على النيابة في تحريك بعض القضايا، مثل قانون البنك المركزي والجمارك والضرائب، والنصوص التي تتعلق بشكوى الزوج في جريمة زنا الزوجة، وهو ما أوضح وزير شؤون المجالس النيابية المستشار محمود فوزي عدم إمكانية تحققه في وضع قانون المسؤولية الطبية.
وأضاف فوزي "أنا وكيل نيابة جاي لي شكوى مسؤولية طبية، ونص القانون بيقول إن اللجنة هي الجهة المعتمدة، وكيل النيابة ما هيصدق يلاقي حد متخصص منوط به العمل هيحدفها على اللجنة على طول".
وخلال الجلسة، تم التوافق على حذف المادة 29 الخاصة بالحبس الاحتياطي، وتعديل التعريفات الخاصة بالخطأ الطبي والخطأ الطبي الجسيم، مع تعديل النصوص التي تنظم عقوبات الحبس لتكون في الجرائم الجنائية.
شاي بالياسمين تحت قبة البرلمان
وحاول عدد من النواب الضغط على نقيب الأطباء أسامة عبد الحي لإلغاء الجمعية العمومية الطارئة، وجاءت المبادرة الأولى من الطماوي، الذي انفعل خلال مطالبته بإلغاء الجمعية العمومية للأطباء، مبررًا طلبه بأن "التوقيت غير مناسب والهدف تحقق".
وتزامن ذلك مع غضب المستشار القانوني لرئيس مجلس النواب محمد عبد العليم، بعد انتشار تصريحات منسوبة لبعض الأطباء وعضو بمجلس النقابة تتهم مجلس النواب بالالتفاف على النصوص والتلاعب بالقانون وعدم الاستجابة لمطالبهم، بعكس ما تم التوافق عليه في اجتماع اللجنة أمس.
وانضم لمطالبة الطماوي بإلغاء الجمعية العمومية عدد من النواب من حزب الأغلبية وحزب الإصلاح والتنمية والمستقلين، فقال أمين سر لجنة الشؤون الصحية النائب كريم بدر حلمي "أطالب سيادتك بإلغاء الجمعية العومية، المجلس بيناقش المواد، هل حضرتك شعرت بأي تقصير من المجلس؟ لماذا الجمعية العومية في هذا الوقت؟".
كذلك اعتبرت النائبة سهير عبد الحميد أن عقد الجمعية العمومية يؤدي إلى "بلبلة للشعب المصري"، مدافعة عن دور المجلس في تعديل مشروع القانون "كل حاجة عملناها لصالح الطبيب والمريض الجمعية العمومية خطر على كل الشعب المصري".
لكن نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الصحة الدكتور خالد عبد الغفار، قال "الدولة أقوى من أي حد، لا جمعية ولا سوشيال ميديا".
واتخذ رئيس الهيئة البرلمانية لحزب التجمع النائب عاطف مغاوري موقفًا مغايرًا، وقال "نحن نسير في طريقنا ونترك القرار لضمير نقابة الأطباء ومجلسها والأطباء".
فيما دفع زعيم الأغلبية البرلمانية عن حزب مستقبل وطن النائب عبد الهادي القصبي في مسار الضغط على النقيب "ما تم اتخاذه من إجراءات داخل مجلس النواب واستجابة رئيس المجلس وحزب الأغلبية ووجود نائب رئيس مجلس الوزراء بنفسه كفيل بالرد على هذه الافتراءات"، مضيفًا "انعقاد هذه الجمعية فيه شبهة كبيرة"، وتضامن معه النائب المستقل علاء سليمان.
من جهته دافع نقيب الأطباء عن موقف النقابة "نحن مع استقرار الوطن والسلام مليون في المية ومع احترام المؤسسات التشريعية والتنفيذية، نحن دولة مؤسسات وعلشان كده أخذنا الموضوع بمنتهى الجدية ونناقش كل القوانين".
وأضاف "الجمعية العمومية ومجلس النقابة واجتماع النقابة العامة، كل منهم مستوى له صلاحياته وقوته، نحن قادرون على أن الجمعية لو اتعملت ترحب بمخرجات هذا اليوم، وبدل ما تكون مجال للمزايدة تكون مجال للتأكيد والتأييد".
ورفض توجيه النقابة "لا تفرض على نقابة الأطباء حاجة تعملها، إحنا جزء من مؤسسات الدولة".
وعقب مستشار رئيس مجلس النواب "لم أتكلم عن إلغاء الجمعية أو عدمه، أتكلم عن التصريحات المغلوطة التي صدرت عن بعض الشخصيات الموجودة في النقابة".
وانتقد عبد العليم ما اعتبره تجاهلًا لكل الإيجابيات، وأشار إلى انفتاح مجلس النواب على التعديلات في حدود الدستور، وشدد "لكن إلغاء الجمعية حاجة تخص سيادتك".
ورد النقيب موضحًا أنه تعرض لهجوم من ذات الأشخاص، وقال "تم مهاجمة النقابة هجوم رهيب وقال إننا شربنا شاي بالياسمين"، وانفعل نائب رئيس مجلس الوزراء رافضًا "مينفعش شاي بالياسمين تحت قبة البرلمان، مينفعش، حاسبه".
وتعهد النقيب "أحاسبه ونص"، واستطرد "أنا لست مسؤولًا عن شخص كتب على السوشيال ميديا"، فقاطعه عبد الغفار منبهًا أن التصريحات عن أمين عام النقابة.
وكان أمين عام نقابة الأطباء محمد فريد انتقد التعديلات التي أعلنت عنها أمس لجنة الشؤون الصحية بمجلس النواب، في مناقشتها لمشروع قانون المسؤولية الطبية، مؤكدًا عدم إلغاء الجمعية العمومية غير العادية المقرر عقدها الجمعة المقبل اعتراضًا على القانون.
وطالب فريد في تصريحات لـ المنصة بتضمين مادة تنص على عدم جواز الحبس الاحتياطي في قضايا الممارسة المهنية، وكذلك عدم توقيع عقوبة السجن على الأخطاء الطبية غير الجسيمة والاكتفاء بصرف تعويض مادي للمريض والأهلية لدفع الضرر.
وخلال المناقشات اليوم وافقت لجنة الشؤون الصحية على عدد من النصوص، من بينها المواد الخاصة بالتزامات الطبيب ومقدمي الخدمة الطبية والمنشأة الصحية، وحظر الكشف السريري على متلقي الخدمة من جنس آخر دون موافقته، أو حضور أحد أقاربه إلا في الحالات الطارئة أو التي تشكل خطرًا على حياته.
كما وافقت اللجنة على المادة السابعة التي تتضمن حظر إفشاء أسرار المريض إلا بإذن قضائي، وتعتبر إفشاء الأسرار خطأً طبيًا جسيمًا يستوجب المحاسبة الجنائية.
ويشتمل مشروع القانون الجديد على 30 مادة، من بينها مادتان أجازتا الحبس للأطباء، حيث نصت المادة 27 على "الحبس لمدة لا تقل عن 6 أشهر لمن تسبب في خطأ طبي أدى إلى وفاة متلقي الخدمة"، أما المادة 29 فأجازت لجهات التحقيق إصدار "قرارات بالحبس الاحتياطي للأطباء، حال ارتكاب جرائم أثناء تقديم الخدمة الطبية".
وينصّ مشروع القانون الجديد، الذي وافق عليه مجلس الشيوخ نهائيًا الشهر الجاري، على تشكيل لجنة عليا، تتبع رئيس الوزراء، تسمى اللجنة العليا للمسؤولية الطبية وحماية المريض. وعرّف القانون اللجنة بأنها "جهة الخبرة الاستشارية المتعلقة بالأخطاء الطبية، وهي معنية بالنظر في الشكاوى، وإنشاء قاعدة بيانات، وإصدار الأدلة الإرشادية للتوعية بحقوق متلقي الخدمة، بالتنسيق مع النقابات والجهات المعنية".
وتعترض نقابة الأطباء مشروع القانون وتعتبره "يهدد المنظومة الصحية بالكامل"، كما سبق وتضامنت معها نقابة الصحفيين.