بسم الله الرحمن الرحيم،
أصحاب الفخامة والمعالي،
رؤساء الدول والحكومات، ورؤساء الوفود المشاركة،
معالي السيد إيزياكا عبد القادر إمام، سكرتير عام منظمة الدول الثماني النامية للتعاون الاقتصادي،
السيدات والسادة،
نجتمع اليوم في ظروف بالغة الدقة، تشهد فيها منطقة الشرق الأوسط تهديدات جسامًا، حيث أضحت الأحداث الجارية في المنطقة خير شاهد على ما يعيشه العالم من ازدواجية في المعايير وإفراغ للمبادئ والقيم الإنسانية من معانيها، وتهميش لقواعد القانون الدولي، إذ تستمر الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة منذ أكثر من عام، وامتدت إلى لبنان الشقيق، كما تشهد سوريا الشقيقة انتهاكًا صارخًا لسيادتها على خلفية استيلاء إسرائيل على المزيد من الأراضي السورية مؤخرًا، وشن اعتداءات على الأراضي السورية، وإعلانها من طرف واحد عن إلغاء اتفاق فض الاشتباك لعام 1974.
وتدين مصر بأشد العبارات تلك الممارسات، وتؤكد دعمها التام لوحدة واستقرار سوريا، وسيادتها، وسلامة أراضيها، كما تؤكد مصر دعمها لكل جهد يسهم في إنجاح العملية السياسية الشاملة في سوريا، ومشاركة الشعب السوري بكل مكوناته وشرائحه، ودون إملاءات أو تدخلات خارجية.
أصحاب الفخامة والمعالي،
إن ما حدث منذ أكتوبر 2023 تعدى كل الحدود والقواعد الدولية والإنسانية، فقد تخضت.. فقد تخطت أعداد الوفيات من الفلسطينيين 45 ألف شهيد، غالبيتهم من السيدات والأطفال، وأصيب أكثر من 107 آلاف، معظمهم أيضًا من السيدات والأطفال، وبلغت أعداد النازحين 1.9 مليون شخص، وامتدت الانتهاكات الإسرائيلية لتشمل موظفين دوليين لقوا حتفهم أثناء تأدية عملهم.. عملهم.
كما تم تدمير أكثر من 70، من 70% من البنية التحتية في غزة، وكذلك سجلت معدلات الفقر والبطالة والجوع أرقام#ا كارثية تتراوح ما بين 80 إلى 100%، مع التوقع بأن يعاني أكثر من 90% من سكان القطاع من نقص غذائي حاد.
كما امتدت الانتهاكات لتشمل سكان الضفة الغربية والقدس الشرقية اللذين يعانون من توسع الأنشطة الاستيطانية وعنف المستوطنين والاقتحامات العسكرية لمدن الضفة، وتعيد مصر التأكيد على محورية دور وكالة الأونروا لتقديم الدعم اللازم للشعب الفلسطيني، كما نؤكد أن حق العودة للشعب الفلسطيني لن يسقط بالتقادم.
ولا يسعني.. ولا يسعني في هذه الأجواء سوى التأكيد على ضرورة التوصل إلى وقف فوري ومستدام لإطلاق النار في غزة، ورفع العوائق الإسرائيلية أمام النفاذ الإنساني، بما يمهد لترتيبات ما بعد الحرب.
وأذكر في هذا السياق أن النجاح لن يُكتب لأي تصور لليوم التالي في قطاع غزة إذا لم يتم تأسيس هذا التصور على تدشين الدولة الفلسطينية، متصلة الأراضي، على خطوط الرابع من يونيو لعام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.
وأؤكد رفض مصر لأي سيناريوهات تستهدف تصفية القضية الفلسطينية، سواء من خلال التهجير، أو من خلال فصل غزة عن الضفة والقدس.
السيدات والسادة،
الحضور الكريم،
امتدت نيران الحرب الإسرائيلية إلى لبنان الشقيقة، حيث أسفر العدوان الإسرائيلي عن استشهاد مع يزيد على 4000 شخص، من بينهم نساء وأطفال، وما يتجاوز 16000 جريح، ونزوح ما يقرب من 1.2 مليون شخص.
وقد حرصت مصر منذ وقوع العدوان على تقديم كل سبل الدعم الممكن للشعب اللبناني الشقيق، حيث أقامت مصر جسرًا جويًا مباشرًا بين القاهرة وبيروت، نجحت خلاله في إيصال 92 طنًا من المستلزمات الطبية والإغا.. والإغاثية.
ومع ترحيب مصر بالإعلان عن دخول اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان حيز التنفيذ، نشدد على أهمية تضافر الجهود الدولية لحشد التمويل اللازم لإعادة الإعمار في لبنان، لا سيما وأن التقديرات الدولية تشير إلى حاجة لبنان إلى نحو 5 مليار دولار لإعادة الإعمار على الأقل.
وفي ذات السياق تؤكد مصر أهمية التنفيذ الكامل وغير الانتقائي لقرار مجلس الأمن رقم 1701 وتمكين الجيش اللبناني من بسط سيطرته على كامل الأراضي اللبنانية.
كما تعيد مصر التأكيد على التزامها الكامل بدعم الأشقاء اللبنانيين من أجل استكمال الاستحقاقات الدستورية عبر انتخاب رئيس للجمهورية في إطار السيادة الوطنية اللبنانية، والتوافق الداخلي.
أصحاب الفخامة والمعالي،
السيدات والسادة،
ختامًا، أود التأكيد على أن مصر لن تألو جهدًا في دعم شعوب أمتها العربية والإسلامية لحفظ سيادتها وسلامة أراضيها، وستواصل مصر جهودها الحثيثة لخفض التصعيد في المنطقة، واستعادة الأمن والاستقرار والسلام من أجل المضي قدمًا على طريق التنمية والتقدم، وبناء مستقبل أفضل لشعوبنا.
أشكركم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ألقيت الكلمة في القاهرة، بالعاصمة الإدارية الجديدة، وذلك على هامش استضافة مصر للقمة الحادية عشرة لمجموعة الدول الثماني النامية للتعاون الاقتصادي.