برخصة المشاع الإبداعي: فليكر
مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة

مصر والـUPR.. الحكومة والمنظمات الحقوقية وجهًا لوجه في الأمم المتحدة

السلطة تراوغ والحقوقيون يوثقون انتهاكات منهجية

منشور السبت 25 يناير 2025

خالفت الحكومة توقعات بعض المدافعين الحقوقيين بأن تُجري بعض الإصلاحات على ملف حقوق الإنسان قبل انعقاد جلسات المراجعة الدورية الشاملة/UPR لمصر، التي ستبدأ الثلاثاء 28يناير/كانون الثاني الجاري في القاعة الرئيسية بمجلس حقوق الإنسان بجنيف. ولكن بدلًا من الإصلاحات استبقت الحكومة المراجعة الرابعة برفع وتيرة الانتهاكات، مع تمسكها بمشروع قانون الإجراءات الجنائية الذي يهدد ضمانات المحاكمة العادلة.

قبل عدة أشهر، قدمت كل من الحكومة والمنظمات الحقوقية تقريريهما لـمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة. وحصلت المنصة على نسخة من التقريرين اللذين استندا للتوصيات السابقة التي قبلتها الحكومة المصرية من الدول الأعضاء بالمجلس، خلال الاستعراض السابق في 2019، ومقارنتها بالوضع الراهن.

وفي الوقت الذي أعدت فيه تقرير الحكومة اللجنةُ العليا الدائمةُ لحقوق الإنسان، شارك في إعداد التقرير الحقوقي مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، ومنظمة عنخ، والمنبر المصري لحقوق الإنسان، ولجنة العدالة، والمفوضية المصرية للحقوق والحريات، ومركز النديم لمناهضة العنف والتعذيب، والجبهة المصرية لحقوق الإنسان، ومؤسسة سيناء لحقوق الإنسان، ومنصة اللاجئين في مصر، وEgypt wide ومؤسسة دعم القانون والديمقراطية، إلى جانب منظمتين، فضلتا عدم ذكر اسميهما خوفًا من الأعمال الانتقامية من جانب السلطة، حسب التقرير.

كانت مصر تلقت في الاستعراض السابق 375 توصية قبلت منها 288 فقط، تنوعت بين الحد من عقوبة الإعدام، والتحقيق في البلاغات والشكاوى المتعلقة بما أسمته مزاعم التعذيب والقتل خارج نطاق القانون والإخفاء القسري، ومراجعة تعريف الإرهاب في القانون.

أجرينا لكم هذه المواجهة بين أبرز ما جاء في التقريرين من دفوع حكومية حاولت تحسين الصورة من خلال إطلاق استراتيجية وطنية لحقوق الإنسان وإنهاء العمل بحالة الطوارئ، وإطلاق الحوار الوطني، وما يقابلها على الناحية الأخرى من اتهامات ساقتها المنظمات الحقوقية للحكومة مستندةً لعدد من الحالات الموثقة التي تكشف وقائع منهجية في انتهاك حقوق الإنسان. 

الحق في الحياة

اهتم التقريران بالحق في الحياة، وتضمنت محاوره الحديث عن عقوبة الإعدام والاختفاء القسري، بوصفهما يهددان هذا الحق للأفراد.

بشأن عقوبة الإعدام، أظهر التقرير الحقوقي أن من بين 28 توصية، قبلت الحكومة 8 فقط تتعلق بالنظر في وقف تنفيذ بعض أحكام الإعدام الصادرة ومراجعتها، وحذف العقوبة من بعض التشريعات الوطنية.

قبلت مصر مراجعة عقوبة الإعدام لكنها صعدت إلى المركز الثالث عالميًا في تنفيذها

ولكن التقرير الحكومي لم يظهر جهدًا لتنفيذ هذه التوصيات، مكتفيًا بعقد اللجنة الدائمة لحقوق الإنسان حلقة نقاشية بحضور قضاة ونواب ومحامين وأعضاء من المجلس القومي لحقوق الإنسان وممثلين للمجتمع المدني، لدراسة مفهوم الجرائم الأشد خطورة والضوابط الإجرائية وضمانات توقيع عقوبة الإعدام وتنفيذها، دون بيان ما انتهت إليه تلك الحلقة.

في المقابل، أكد التقرير الحقوقي تصدّر مصر قائمة الدول الأكثر إصدارًا لأحكام الإعدام عام 2021، إذ حلت في المرتبة الثالثة عالميًا بعد الصين وإيران، حسب منظمة العفو الدولية. وأكد أن وضع عقوبة الإعدام ازداد سوءًا منذ 2019، لافتًا إلى تنفيذ السلطات أحكام إعدام بحق 126 شخصًا في 26 قضية عام 2020، بينهم متهمون في جرائم عنف سياسي، وفي عام 2021 أعدمت 84 شخصًا في 29 قضية، ولم يختلف الوضع كثيرًا في السنوات اللاحقة.

مراوغة التعذيب والاختفاء القسري

رغم قبول مصر 3 توصيات تتعلق بالتحقيق في البلاغات المتعلقة بالتعذيب والقتل خارج إطار القانون والإخفاء القسري، خلا التقرير الحكومي من الرد على هذه الانتهاكات، وخصصت الحكومة فقرةً واحدةً روّجت فيها لتعزيز الحق في الحرية والأمان الشخصي.

راوغت الحكومة في الرد على التعذيب والاختفاء القسري ووثقت المنظمات إخفاء 4253 شخصًا

استشهدت الحكومة بحرص النيابة العامة خلال جائحة كورونا على استخدام بدائل الحبس الاحتياطي الواردة بقانون الإجراءات الجنائية، عوضًا عن صدور قرار وزير العدل في ديسمبر/كانون الأول 2021 بجواز عقد جلسات تجديد الحبس الاحتياطي "عن بُعد"، وإخلاء سبيل 1434 من المحبوسين احتياطيًا في الفترة من يناير 2020 حتى يونيو/حزيران 2023.

على الجهة الأخرى، اتهم التقرير الحقوقي السلطات باستمرار الممارسة المنهجية لجريمة الإخفاء القسري، وإخفاء محبوسين بمجرد صدور قرار إخلاء سبيلهم، وإنكار احتجازهم، ثم ظهورهم في النيابة كمتهمين في قضايا جديدة.

ووثّقت المنظمات في تقريرها إخفاء 821 شخصًا خلال عام واحد في الفترة من أغسطس/آب 2022 حتى أغسطس 2023، ليصل إجمالي حالات المختفين الموثقة منذ 2015 إلى 4253 حالة.

أوضاع السجون

في الاستعراض السابق، قبلت الحكومة 20 توصية تخص أوضاع أماكن الاحتجاز وحقوق المحتجزين وحمايتهم من التعذيب وسوء المعاملة، حسب التقرير المشترك للمنظمات الحقوقية.

روّجت الحكومة لفلسفة عقابية جديدة بتغيير أسماء السجون لمراكز الإصلاح والتأهيل

وبيانًا لمدى التزامها بتلك التوصيات، تناولت الحكومة ما اعتبرته "طفرةً في الفلسفة العقابية"، مستندةً لتعديلات على قانون السجون في مارس/آذار 2022، وتغيير مسماها إلى مراكز الإصلاح والتأهيل، وإحلال عدد من تلك المراكز بدلًا من السجون القديمة، ومراعاة التصميم بالأسلوب العلمي والتكنولوجيا المتطورة، وتوفير التهوية الملائمة والإضاءة الطبيعية ومساحات العنابر وأماكن التريض.

في المقابل، أكد تقرير المنظمات توسع السلطات في الاستخدام التعسفي للحبس الانفرادي المطول، إضافة إلى الغرف مشددة الحراسة التي يُسمح بالحبس فيها 6 أشهر، حسب التقرير.

ودلل التقرير على سوء الأوضاع في السجون بتعدد إضرابات السجناء بمراكز الإصلاح، ومن بينها إضراب سجناء مركز تأهيل بدر (3) في أكتوبر/تشرين الأول 2022، اعتراضًا على سوء الأوضاع ومنع الزيارات، وكان نتيجته وفاة سجين، وتكرر إضراب آخر بالمركز نفسه في فبراير/شباط ومارس 2023.

وثق التقرير الحقوقي وفاة سجناء نصفهم في مركزي بدر والعاشر من رمضان

أما في مجمع إصلاح وتأهيل في بدر ووادي النطرون، فأشار التقرير إلى معاناة السجناء من الإضاءة الحادة داخل الزنازين إلى حد إصابة بعضهم بانهيارات عصبية وأرق وصداع نصفي مزمن.

لا يختلف وضع الانتهاكات في سجون النساء كثيرًا، حسب التقرير، الذي أكد أن سجينات نُقلن من سجن القناطر لمركز تأهيل العاشر من رمضان، سرّبن رسائل لمنظمات حقوقية تكشف وجود كاميرات مراقبة في بعض الزنازين، ما يجبرهن على ارتداء ملابسهن كاملة طوال الوقت، مع فترات نوم متناوبة لتوقظ السجينة زميلتها إذا انكشف جزءٌ من جسدها أثناء النوم.

وفي الوقت الذي أكد فيه التقرير الحكومي تقديم الخدمة والرعاية الطبية الوقائية العلاجية لنزلاء مراكز الإصلاح والتأهيل، رصد تقرير المنظمات وفاة 31 سجينًا في تلك المراكز منذ 2023 وحتى الربع الأول من 2024 بسبب الإهمال الطبي، وعدم الاستجابة للحالات الطبية الطارئة، خاصة بمركزي بدر والعاشر من رمضان اللذين شهدا وفاة 15 سجينًا خلال تلك الفترة.

الحق في المحاكمات المنصفة

قبلت مصر في الاستعراض الماضي 9 توصيات تتعلق بالمحاكمة العادلة؛ أهمها تقصير مدد الحبس الاحتياطي السابق على المحاكمة، حسب تقرير المنظمات الحقوقية.

ردًا على هذه التوصية، أشارت الحكومة إلى قرار رئيس الجمهورية في 21 أكتوبر 2021 بإلغاء إعلان حالة الطوارئ، بوصفه "أبرز الخطوات الداعمة لتعزيز ضمانات المحاكمة العادلة والمنصفة"، فضلًا عن تعديل قانون الإجراءات الجنائية لإتاحة الاستئناف على الأحكام الصادرة من محاكم الجنايات.

المنظمات تكشف تأثير التعديلات الدستورية على العصف باستقلال القضاء

أما التقرير الحقوقي، فركز على ما وصفه بـ"العصف باستقلال القضاء" نتيجة إقرار التعديلات الدستورية في 2019، وقانون رؤساء الهيئات القضائية، إذ منحا رئيس الجمهورية سلطة تعيين هؤلاء الرؤساء بعدما كانت تُرشحهم جمعياتهم العمومية.

كما وثّقت المنظمات الانتهاكات التي تمس ضمانات المحاكمة العادلة، منها عدم السماح للمحامين بالاطلاع على القضايا، وتجديد حبس مئات المتهمين في عدد كبير من القضايا في جلسة واحدة مما يمنع المحامين من إبداء دفوعهم.

واعتبر التقرير أن تجديد الحبس الاحتياطي "عن بُعد" أضر بحق المتهمين في المحاكمة العادلة، إذ يحضر المحامون الجلسات عبر الفيديو من المحكمة مع القاضي، وليس مع المتهم في محبسه.

وعرض التقرير للانتهاكات القانونية التي شهدتها قضايا بعينها، أبرزها القضية التي انتهت بحكم محكمة أمن الدولة طوارئ على علاء عبد الفتاح بالسجن خمس سنوات، ومحمد إبراهيم ومحمد الباقر بالسجن 4 سنوات.

حرية الرأي والتعبير

خلال الاستعراض الدوري في 2019، قبلت مصر 18 توصية تتعلق بحرية الرأي والتعبير، وعوّلت الحكومة في إثبات مدى التزامها بهذه التوصيات على الحوار الوطني، ووصفته بأنه "خلق تفاعلًا وسط مختلف شرائح المواطنين والأحزاب السياسية والمجتمع المدني والنقابات".

استندت الحكومة لتنوع الخريطة الإعلامية ورصدت المنظمات استمرار حجب المواقع من بينها المنصة

فيما حذرت المنظمات من "خواء المبادرات الحكومية التي تدّعي معالجة الوضع الحقوقي، بينما تستهدف فقط تبييض سجل السلطات المصرية أمام المجتمع الدولي".

ودفاعًا عن ضمانها لحرية التعبير، أكدت الحكومة تنوع الخريطة الإعلامية في مصر من حيث ملكية المؤسسات عامة وخاصة، مستشهدة بوجود 580 صحيفة و27 قناة فضائية و94 موقعًا إخباريًا، مشيرة إلى ترخيص 145 وسيلة إعلامية خلال 2021 و2022.

على الناحية الأخرى، رصدت المنظمات استمرار سياسات حجب المواقع، كاشفة عن حجب 630 رابطًا على الأقل، منها مواقع صحفية مستقلة ومواقع منظمات حقوقية. ونوه التقرير بحجب موقع المنصة في 14 يوليو/تموز 2022، وثلاثة من روابطه البديلة خلال 72 ساعة، وسبق ذلك بعامين مداهمة قوة أمنية لمقر المنصة في يونيو 2020، وألقت القبض على رئيسة تحريره نورا يونس واحتجزتها لأكثر من 30 ساعة. ثم أفرجت عنها النيابة بعد التحقيق بكفالة 10 آلاف جنيه.

واستعرض تقرير المنظمات العديد من الانتهاكات في 2023، ما بين القبض على صحفيين أو مواصلة احتجاز آخرين، والتنكيل بأسرهم، فضلًا عن تحقيقات إدارية تعسفية مع صحفيين وإعلاميين. وخلال الفترة من 2019 لنهاية 2023، تم القبض على 32 صحفيًا على الأقل.

وفي 22 يوليو الماضي ألقت قوة أمنية بلباس مدني القبض على الزميل أشرف عمر، رسام الكاريكاتير بـ المنصة، بعدما اقتحمت مقر سكنه، واقتادته مكبلًا معصوب العينين إلى جهة غير معلومة، إلى أن ظهر في نيابة أمن الدولة العليا بعد يومين، تحديدًا في 24 يوليو.

وخلال فعاليات افتتاح أعمال المؤتمر السادس لنقابة الصحفيين، في 15 ديسمبر الماضي، ندد نقيب الصحفيين خالد البلشي بما وصفه بـ"الانتكاسة" التي أصابت جهود مجلسه في إنهاء أزمة الصحفيين المحبوسين احتياطيًا، معقبًا "فبعد خروج ما يقرب من 11 زميلًا من غياهب الحبس خلال العام الأول لمجلسه، واعتبارهم ذلك بدايةً لإنهاء هذا الملف، ارتفع العدد مرة أخرى مع بدايات العام الثاني في عمر المجلس ليصل إلى 24 زميلًا محبوسًا، تجاوزت فترات حبس 15 منهم العامين الكاملين، وبعضهم استطالت فترات حبسه الاحتياطي لتصل إلى خمس سنوات"، مؤكدًا أن تطبيق القانون الحالي يكفي لإطلاق سراحهم فورًا.

مكافحة الإرهاب

حسب تقرير المنظمات، قبلت مصر خلال الاستعراض الماضي 9 توصيات تتعلق بحماية حقوق الإنسان خلال مكافحة الإرهاب، منها تعديل التعريف القانوني للإرهاب.

اقتصرت الجهود الحكومية خلال مكافحة الإرهاب على جهود رعاية أسر الشهداء والمصابين

وفي الوقت الذي غابت فيه عن التقرير الحكومي أي جهود لإعادة تعريف الإرهاب أو تعديل قانون مكافحة الإرهاب، اكتفت الحكومة بالإشارة إلى جهود المجلس القومي لرعاية أسر الشهداء والمصابين.

أما تقرير المنظمات الحقوقية، فأكد مواصلة نيابة أمن الدولة العليا الاعتقال التعسفي للنشطاء باتهامات إساءة استخدام السوشيال ميديا، ونشر أخبار كاذبة والانضمام لجماعة إرهابية، واستخدام الحرب على الإرهاب ذريعة لإصدار تشريعات قمعية، منها قانون الكيانات الإرهابية، الذي تسمح نصوصه باتهام النشطاء السياسيين والحقوقيين والمحامين والصحفيين والمواطنين العاديين بالإرهاب إزاء تعبيرهم عن آرائهم.

حقوق المرأة

قبلت الحكومة في 2019 سبعين توصية تتعلق بحقوق المرأة، تضمنت تعديل قانون الأحوال الشخصية ومكافحة العنف الأسري.

روّجت الحكومة للتصدي للتحرش بينما لفتت المنظمات إلى إفلات مجرمي الفيرمونت من العقاب

وفي هذا السياق، استند التقرير الحكومي إلى عدد من المؤشرات بشأن تحسن ترتيب مصر في مسار التمكين السياسي للمرأة، بوصولها لأفضل مستوى لها منذ 10 سنوات في التقرير العالمي للفجوة بين الجنسين، إذ شغلت المركز 78 عام 2022 مقارنة بالمركز 125 عام 2012، عوضًا عن تقدمها 65 مركزًا بمؤشر تمثيل المرأة بالبرلمان، كما تحسنت مؤشرات نسبة الأمية بين الإناث.

وبشأن التصدي للعنف ضد المرأة، شدد تقرير الحكومة على دور الجهات الأمنية في ضبط 1241 من مرتكبي وقائع العنف خلال الفترة من نوفمبر/تشرين الثاني 2019 حتى أكتوبر 2023، ولفتت إلى أن النيابة العامة حققت منذ يناير 2020 حتى أغسطس 2022 في 72 قضية ختان أنثى، صدر فيها 18 حكمًا بالإدانة.

بينما أوضح التقرير الحقوقي عدم صدور أي قوانين تخص الأحوال الشخصية أو مكافحة العنف الأسري، فضلًا عن رصد ممارسات للنيابة العامة أسهمت في إفلات مرتكبي جرائم اغتصاب من العقاب، مستشهدًا في ذلك بـقضية الفيرمونت.

حرية الدين والمعتقد

قبلت مصر في 2019 ست توصيات تتعلق بمكافحة التمييز ورفع القيود على بناء وترميم الكنائس وتدريب موظفي إنفاذ القانون على الاستجابة لبلاغات العنف الطائفي في المناطق الريفية.

اختزل التقرير الحكومي حرية الدين في تقنين أوضاع 3160 كنيسة ووثقت المنظمات انتهاكات ضد البهائيين والشيعة

غير أن التقرير الحكومي اختزل ضمان الدولة للحق في حرية الدين والمعتقد، في إبراز قرارات رئيس مجلس الوزراء الصادرة بتقنين أوضاع 3160 كنيسة ومبنى خدمات مسيحيًا حتى يناير 2024، وبعض المبادرات لتعزيز قيم التسامح والتفاهم والتعايش السلمي.

لكن تقرير المنظمات الحقوقية كشف أنه منذ صدور قانون بناء الكنائس عام 2018، لم تصدر أي قرارات رسمية ببناء كنائس جديدة بخلاف 50 كنيسة في المدن الجديدة، وهو ما دفع بعض المنظمات للمطالبة بإعادة النظر في القانون، وإصدار قانون موحد لبناء دور العبادة.

وركز التقرير على استمرار السلطات في اللجوء إلى الجلسات العرفية بديلًا عن نظام العدالة الرسمي في وقائع العنف الطائفي، واعتبرها بوابة للهروب من تطبيق القانون.

ووفقًا للتقرير، يتعرض كل من الشيعة والبهائيين لمضايقات، لافتًا إلى إصدار محكمة القضاء الإداري حكمًا في فبراير 2020 بإيقاف بث المواقع والقنوات الشيعية، عوضًا عن حرمانهم من ممارسة شعائرهم الدينية.

أما البهائيون، فلا يعترف الدستور الحالي بهم، ويمارسون شعائرهم بمنازلهم. كما قضت المحكمة الإدارية العليا في ديسمبر 2021 برفض إلزام محافظ الإسكندرية تخصيص أرض لإقامة مقابرهم عليها، فضلًا عن إجبارهم على توقيع إقرار بعدم اعتراضهم على امتحان أبنائهم في مادة الدين الإسلامي أو المسيحي في المدارس العامة.

الحق في السكن الملائم

أبرز التقرير الحكومي ردًا على قبوله 4 توصيات تتعلق بالحق في السكن، مشيرًا إلى تنفيذ 1.5 مليون وحدة سكنية استفاد منها 7.5 مليون مواطن، دعمتهم الدولة نقدًا وعبر التمويل الميسر على فترات طويلة، فضلًا عن مشروعات تطوير العشوائيات التي بلغت تكلفتها 63 مليار جنيه، لتعلن خلو مصر من المناطق غير الآمنة بنهاية عام 2022.

روجت الحكومة لمشروعات الإسكان المدعم وكشفت المنظمات عن سياسات إخلاء السكان

لكن التقرير الحقوقي، ندد بسياسات هدم المنازل واستخدام القوة المفرطة لإخلاء السكان في أكثر من منطقة، من بينها مدينة رفح المصرية، وطرد سكان ضاحية الجميل ببورسعيد من مساكنهم، ومحاولات نزع ملكية جزيرة الوراق، وانتهاكات اقتحام الأمن للجزيرة والاعتداء على الأهالي وإغلاق مكاتب الخدمات العامة بها.

لم تقتصر المواجهة بين الحكومة والمنظمات الحقوقية على التقرير، فعلى مدار الأشهر الماضية كثف الدبلوماسيون والوزراء المعنيون بالملف جهدهم لتحسين موقفهم خلال المراجعة، بينما أجرت المنظمات جولاتها واجتماعاتها لكشف الانتهاكات والضغط على ممثلي الدول لإحراج الحكومة وكشف حقيقة أوضاع حقوق الإنسان في مصر.

سيأتي صباح 28 يناير بالمواجهة في القاعة الرئيسية بمجلس حقوق الإنسان في جنيف، لنرى نتائج المباراة التي امتدت الأشهر الماضية، ونرى إلى أي مدى يمكن للحكومة أن تقنع الدول بنظافة سجلها.