منشور
الاثنين 30 سبتمبر 2024
- آخر تحديث
الاثنين 30 سبتمبر 2024
لطالما كان موسم المدارس ضاغطًا على الأسر المصرية في النفقات، ودائمًا ما تحاول الخروج منه بأقل خسائر ممكنة، وتلجأ إلى الادخار أو التقسيط من أجل سداد التزاماتها من المصاريف الدراسية، سواء للمدارس أو الجامعات، وما يتطلبه ذلك من نفقات متفرقة، غير أن الموقف هذا العام بات أصعب مع التضخم الذي فعل ببند تكاليف التعليم ما فعله في بقية بنود الإنفاق للمصريين.
أصبح الآن السؤال عن السعر أمرًا لازمًا، فزمن ثبات الأسعار ولى، و"كل حاجة بتولع" وتكاليفها تتضاعف، وبات على الأسر المقاومة بكل نفس، فلجأ أولياء أمور لتشكيل مجموعة ضغط على المدارس التي استغلت فرق العملة بين العام الماضي والعام الحالي، حيث كان سعر صرف الدولار 31 جنيهًا، حتى تعويم مارس/آذار الماضي الذي رفع سعر الصرف إلى ما يتحرك حول 49 جنيهًا للدولار، لتجاوز الحد الذي وضعته الوزارة للزيادة السنوية، ما دفعهم لتشكيل روابط نجحت في كثير من الأحيان في دفع الإدارات إلى التراجع ولو بقدر.
لكنهم لم ينجحوا بالقدر ذاته في إجبار المدارس على تعديل قوائم مستلزمات الدراسة المعروفة باسم "السبلايز"، فرغم التضخم استمرت في الاستطالة حتى بلغت 20 صنفًا من المناديل للطالب الواحد في بعض المدارس.
ربما ذلك ما دفع آخرين للانسحاب من العملية التعليمية بشكلها التقليدي واللجوء إلى ما يعرف بالتعليم الموازي، الذي يخاصم المدارس، ويقترب إلى مساحات التعليم الحر والمنزلي، لكن بصورة نظامية.
ورغم محاولات أولياء الأمور الحصول على ما يقدمه التعليم الموازي من مزايا، لم يسلموا من عيوبه، التي يتلخص أهمها في عدم وجود جهات معتمدة، يمكن أن تمنح الطالب شهادات دراسية، ما يدفعهم للرجوع صاغرين إلى النظام المدرسي.
ويبدو أن الهموم المعتادة ليست كافية في دخلة المدارس لتثقل كاهل أولياء الأمور، فأتى محمد عبد اللطيف وزير التعليم الذي استلم الوزارة في يوليو/تموز الماضي، بمجموعة من القرارات النافذة التي غيرت ملامح التعليم خاصة في المرحلة الثانوية ما زاد من ارتباك الطلبة والمعلمين بعد بدء العام الدراسي الفعلي، في سناتر الدروس الخصوصية.
من بين القرارات كان قرار تحويل اللغة الفرنسية إلى مادة نجاح ورسوب وعدم تأثيرها في المجموع الكلي، ليفقد مدرسو المادة مصدرًا معتبرًا للدخل، فالمدرس يعتمد على الدروس الخصوصية إلى جانب راتبه الذي لا يكفي، ما وضعهم في مشكلة حاولوا تصعيدها عبر احتجاج، نجح الأمن في إجهاضه قبل أن يرى النور.
ربما لا يكون حرمان مدرسي اللغة الفرنسية من الدروس الخصوصية شرًّا خالصًا، فالدروس تأكل من أعمارهم سنوات، يفقدون خلالها أوقات الراحة، ويفتقدون معنى الاستمتاع بأوقاتهم الخاصة، وهذا ما دفع واحدًا من مدرسي الفيزياء للاكتفاء بمرتبه من المدرسة، أملًا في عيش الحياة على طريقته والاستمتاع بها. نجح شادي جمال في ذلك بسبب ظروفه الشخصية، فيما أخفق آخرون.
في الوقت الذي يشكو فيه المدرسون من ضغط العمل في الدروس الخصوصية "بعد الضهر"، تشكو مدرسات المرحلة الابتدائية اللاتي شارفن على بلوغ سن الستين، ووصلن في تدرجهن الوظيفي إلى درجة "معلم خبير" من ثقل جدول حصصهن، بما يخالف القانون، بسبب العجز الواضح في أعداد المدرسين.
تمتد الشكوى لتضم تحت مظلتها طلبة الجامعات، الذين بدأوا عامهم الدراسي الحالي بتغير واضح في بنود مصاريفهم الشهرية، بداية من رفع سعر اشتراك المترو، وسيلة المواصلات الأسهل في المشوار اليومي، بالإضافة إلى ارتفاع المصاريف الدراسية في الجامعات الحكومية.
لنعود إلى حيث بدأنا، يؤثر التضخم بشكل لافت في مصاريف الأسرة المصرية في التعليم، فوفقًا لبحث الدخل والإنفاق الصادر عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء 2020/2019، فإن متوسط الإنفاق السنوي للأسرة على التعليم (التي لديها أفراد ملتحقون بالتعليم)، بلغ 8850.6 جنيه بنسبة 12.5% من إجمالي الإنفاق العائلي على مستوى الجمهورية، مع ملاحظة أن هذه الأرقام كانت قبل جائحة كورونا وموجات التضخم المتتالية.
تمر دخلة المدارس بكل تفاصيلها، لكن التضخم الذي أصبح العنوان الكبير ليوميات المصريين مستمر يطبع آثاره على كل جوانب الحياة ليزيد من وطأة حملها.