كان العام 1972 عندما دخلت رسمية عبد المجيد، السيدة العشرينية المتزوجة، شقّتها المستأجرة في حي الزيتون للمرة الأولى، يمسك أحد ابنيها بيدها وتحمل الآخر باليد الثانية. شقة "على المحارة" في الدور الثاني أسستها مع زوجها عبد اللطيف السائق بوزارة الخارجية "طوبة تلو طوبة". اليوم وبعد أن أصبحت جدّة عمرها 72 سنة، باتت مهددة بالطرد.
بعد وفاة زوجها عام 1986 أخذت ربة المنزل على عاتقها تربية أبنائها الثلاثة، حتى صار أكبرهم، محمود، قادرًا على تحمل المسؤولية بعد أن أصبح صاحب محل بقالة متزوج يعيش وأطفاله معها، مؤانسًا وحدتها ومعينًا لها على الحياة التي لا تمتلك لتجاوز مصاعبها الاقتصادية سوى معاشها الذي يبلغ 1200 جنيه.
تخاف رسمية التعديلات المقترحة على قانون الإيجار القديم والتي يناقشها البرلمان المصري، وتتيح لصاحب المنزل المؤجّر بحسب زيادة الإيجار أو حتى طرد المستأجر "هروح فين؟ أنا ومحمد مش صغيرين عشان نتبهدل البهدلة ديه".
على الجانب الآخر من القاهرة الكبرى، في السادس من أكتوبر، تقع شقّة الدكتور علي أبو العزايم، رئيس قسم البساتين سابقًا في جامعة الفيّوم. اشترى أبو العزايم هذه الشقّة منذ 13 عامًا، بعد أن اضطر لترك عمارة والده التي ولد وترّبى بها في الهرم، عندما تشققت بطريقة تجعلها خطرًا دائمًا على السكّان والمارة.
أعاق قانون الإيجار القديم أبو العزايم عن ترميم عقاره "خدت قرار ترميم من الوحدة المحلية ومش عارف أنفده عشان السكّان مش عايزة تطلع، ماكنتش عايز منهم فلوس بس يطلعوا لحد ما أرممها عشان لو حد حصله منهم أو المارة حاجة هشيل المسؤوليّة في نظر القانون".
قاضت الوحدة المحليّة أبو العزايم بالفعل وحكم عليه غيابيًا بالحبس لتأخره في تنفيذ قرار الترميم، ما كان من الرجل السبعيني سوى أن يرسل إنذارات على يد محضر للسكان بقرار الترميم ورفع قضيّة في محكمة الأمور المستعجلة لإخلاء السكّان موقتًا حتى تنفيذ قرار الترميم، فحكمت المحكمة بعد الاختصاص "قفلت شقّتي وسبت عمارة والدي ورحت أعيش في أكتوبر".
محاولات التعديل: مخاوف تشريعية من "البلبلة"
أبو العزايم ورسمية هما وجهان لمعضلة قانون الإيجار القديم، والذي أخذ مساحات واسعة من النقاش على شاشات التلفزيون وصفحات الجرائد ومواقع السوشيال ميديا لأكثر من شهر، في انتظار ما ستستقر عليه مناقشات أعضاء لجنة الإسكان في البرلمان المصري حول الصيغة النهائية لتعديل القانون التي تقدّم بها النائب عبد المنعم العليمي عضو اللجنة الدستورية بالبرلمان في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي. وهي تعديلات تسمح بخمس سنوات كفترة انتقالية لتحرير العلاقة بين المالك والمستأجرين بعقود تحت ظل القانون القديم، مع زيادة سنوية قدرها 25% للقيمة الإيجارية حتى التحرير التام.
كان دافع العليمي للتقدم بالتعديلات هو صدور حكم الدستورية العليا في مايو/ أيار الماضي ببطلان المادة 18 من القانون 136 لسنة 1981، والتي تقضي بعدم جواز طلب المؤجر إخلاء المكان حتى لو انتهت مدة تعاقده مع المستأجر، وهو ما يعني ضرورة تعديل القانون.
القانون 136 لسنة 1981 هو وقانون 49 لسنة 1977، يمثلان خطوتين من عدة خطوات اتخذتها الدولة المصرية للتدخل في العلاقة بين المالك والمستأجر منذ 1947، حتى صدور قانون 6 لسنة 1997، والذي يحرر هذه العلاقة في كل العقود التي تبرم بعد صدوره، أي أن أثره لا يمتد بشكل رجعي للعقود التي أبرمت قبله، ما جعل هذه العلاقة تحكم بقانونين لهما شكلين مختلفين.
تضفي القوانين القديمة على العلاقة بين المؤجر والمستأجر صفة الديمومة، وتطيلها لجيل أبناء المستأجر، وتحدد القيمة الإيجارية ثابتة ولا تخضع للسوق.
المناقشة الحالية لهذه القوانين تعد ثاني محاولات هذا البرلمان بعد محاولة النائبين اسماعيل نصر الدين ومعتز محمود في 2017 تعديله بفترة انتقالية تمتد لعشر سنوات في حالة الإيجار السكني.
النائب معتز محمود يقول لليوم السابع تعليقًا على تراجعه عن مشروع التعديل بأن الوقت لايسمح لمناقشة القانون، بسبب "البلبلة" التي يمكن أن يسببها للشعب المصري، وقال وكيل لجنة الإسكان بالمجلس، يسري المغازي، أن الظروف الاقتصادية وارتفاع الأسعار بشكل عام والحاجة إلى قرار سياسي هما أسباب عدم مناسبة المناقشة حول تعديل هذا القانون في الوقت الحالي. إلا ان المغازي غيّر رأيه بعد حكم الدستورية وبات يرى أن هذا ملف "من الواجب التصدّي له ومناقشته تحت القبّة".
ينتظر أبو العزايم انتهاء تلك المناقشات حول تحرير العلاقة بين المالك والمستأجر، وهو ما يرى أن قانون 49 لسنة 1977 أهدر قيمته "زمان كانت العلاقة تخضع للسوق والكل متراضي، الشقق موجودة وكل واحد بيسكن على حسب إمكانياته والمدة محددة في العقد، جات القوانين الاستثنائية ديه، واللي الهدف منها اكتساب شعبية وأهدرت قيمة العقود"، يقلّب أبو العزايم بين أوراقه ويخرج صورة لعقد بين والده وأحد المستأجرين تعود للعام 1961 لمدة ستة أشهر، قابلة للتجديد طالما لم يبلغ أحد الطرفين الآخر بإنهاء التعاقد "القانون ده أهدر قيمة العقود وما تمثّله، وفقد المالك حريته في أملاكه".
الاستثمار الخاسر
فضّل الدكتور اسماعيل أبو العزايم، والد علي، استثمار ماله في القطاع العقاري، فبنى عمارتين في الهرم، لتكونا تأمينًا واستثمارًا لأولاده في المستقبل"شوفي اللي بنى ساعتها مصنع ولااشترى أرض بقى معاه كام دلوقتي، واللي بنى عمارة زي والدي بقى حاله عامل إزاي دلوقتي"، ينزل أبو العزايم ويركب سيارته لياخذنا من مسكنه في منطقة السادس من أكتوبر إلى العمارتين اللتين يمتلكهما ثمانية ورثة هو أكبرهم.
العمارتان مكونتان من خمسة أدوار وخمس عشر شقة في كل منهما، الأولى، وهي العمارة المتضررة، خاوية على عروشها وشققها مغلق إلا من ثلاث؛ الأولى لمستأجر متمسّك بالشقة التي لا يستخدهما لأنه يمتلك غيرها، والثانية لابنة مستأجر متوفٍّ، والثالثة لأخته الصغيرة وزوجها الذي يملك فيللا في نفس المنطقة يأخذ هو وإخوته إيجارها، خمسة جنيهات من أحد نسابائهم الذي يرفض بدوره إخلاءها.
أما عن الثانية فهي خاليّة إلا من شقة واحدة أيضًا يتمسّك صاحبها بها رغم امتلاكه غيرها "الراجل محترم والعلاقة بينا كويسة، بس هو كان رئيس مدينة 6 أكتوبر وعنده شقق وشاليهات في مارينا ومراقيا وأكتوبر بس مش عايز يسيبها". يحكي أبو العزايم أن والده بنى هاتين العمارتين قبل القانون "ما استفدش من الدعم اللي بيقولوا عليه لمواد البناء، الشقة كانت على المفتاح المستأجر يخش ويسكن"، لكن لرسمية جانب مختلف من القصّة.
كانت الشقّة التي استأجرتها وزوجها على المحارة "من جوه ومن بره على الطوب الأحمر"، دفعا مقابلها، إضافة إلى القيمة الإيجارية، مبلغ مقدّم بلغ 500 جنيه كـ"خلو الرجل"، وهو عرف بين الملاك والمستأجرين قديمًا ليس له سند قانوني ولكنه كان قائمًا مع الإيجارات القديمة، تقول رسمية إن هذا المبلغ كان يمثّل ثورة في هذا الوقت، ويقول ابنها إن هذا المبلغ كان يمثّل ربع ثمن الشقّة إذا أرادا تمليكها "ماكنش فيه تمليك ساعتها ولا كان فيه فلوس نشتري تمليك".
كتب عبد اللطيف عقد الشقّة باسم رسمية، لأنه كان كثير السفر بسبب عمله، ولأنها رأت فيها مكانًا مستقرًا سيجمعها بأولادها، دفعت وجيرانها في العمارة مقابلاً لتجميل واجهتها والاعتناء بها "صاحب العمارة قال لنا ماليش دعوة أنا اديتكم الشقة وانتم أحرار، وولادنا كانوا بيكبروا فدفعنا عشان خاطر نطلع العمارة بالشكل ده"، تقول رسمية أنها لا تعيش في منطقة راقية كمصر الجديدة لكنها تحب مكانها ولا تريد تغييره بعد هذا العمر "احنا عملنا حسابنا إننا قاعدين هنا ودفعنا كل ده عشان خلاص استقرينا، ظلم يمشونا بعد كل ده".
ترى رسمية أن على الدولة التصرف إزاء غير المستفيدين من الوحدات المؤجرة بالقانون القديم، لكنها أيضًا عليها مراعاة أمثالها ممكن لا يملكون وحدات غير تلك التي استأجروها لسنوات "أنا معاشي دلوقتي 1200 جنيه، لولا ولادي بيساعدوني ويجيبولي ماكنتش أعرف أعيش، الحالة دلوقتي بقت صعبة"، كانت رسمية وعبد اللطيف يعيشان بمرتبه الذي يبلغ 25 حنيهًا، يدفعان نصفه، 12 جنيهًا ونصف، للإيجار. الحالة الاقتصادية المرهقة التي تخيف رسمية من عقبة هذه التعديلات، هي نفسها الحالة التي ترهق أبو العزايم وإخوته وتجعلهم متلهّفين لتعديل هذا القانون.
مستأجرون مهددون أو ملكيات معطلة
يقول أبو العزايم في حديثه مع المنصّة إنه وإخوته يشعرون بالظلم لعدم قدرتهم على التصرف في أموالهم أو تقسيم تركتهم لعقود، كونها تتكون من عمارتين مؤجرتين بالنظام القديم "الإيجار وقتها كان معقول، لكن دلوقتي ومع الانهيارات المتتالية في العملية، مش معقولة شقة واسعة في الهرم تتأجر بـ 11 جنيه، ده غير مصاريف المية والكهرباء، السكان مارضيوش لا يدفعوا في مصاريف ترميم العمارة ولا يسيبوها، هل صاحب البيت اللي كان متعاقد بجنيه، متوقع هيبقى الجنيه ده بيجيب نص رغيف عيش؟".
يرى أبو العزايم أن جزءًا من تأخر رفع الظلم عنه وعن إخوته وأمثالهم من الملاك، هو أن المستفيدين من القانون هم الذين تحكموا في البلاد لعشرات السنين "الرئيس اللي قعد 30 سنة في القصر الجمهوري لسّة محتفظ بشقته اللي في مصر الجديدة إيجار قديم، وناس كثير من ثورة 52 استفادوا من القانون ده"، يريد أبو العزايم حقّه من غير المستفيدين الحقيقين من الوحدات السكنية المؤجرة بفعل القانون القديم.
لا يتفق أبو العزايم مع اعتبار أن التعديلات ستضر بمصالح فقراء المستأجرين "احنا اقترحنا حلول زي إن اللي يثبت عدم قدرته على دفع الإيجار يتدفعله من صندوق لإسكان الفقراء يتم تمويله من جزء من الزيادات اللي هتحصل أو الضرائب العقارية التي سيتم تحصيلها"، في المقابل فهو يرى أنه يتحمّل تكاليف كبيرة من وراء العمارتين في مقابل دخل شبه معدوم "استهلاك المية للعمارتين جه السنة ديه بستين ألف جنيه، والمستأجرين بيدفعوا 20 قرش استهلاك مية، ما دفعناهمش طبعًا عشان العمارتين ما بيجيبوش دخل".
بحسب الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، فإن مصر بها عشر ملايين وحدة سكنية مغلقة، 3.5 مليون منها مغلقة بسبب قانون الإيجار القديم، يقول الباحث عبد الرحمن أيمن، الباحث السياسي في مقاله المنشور بدورية قضايا برلمانية التي يصدرها مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، تزامنًا مع المقترح الذي ظهر العام الماضي، إن الأزمة المتراكمة لأكثر من سبعين عامًا بفعل تدخلات الدولة المتتالية لا يمكن حلها في 10 سنوات أو 15 سنة.
لا يرى أيمن أن ما سمّاه بحالة الظلم للملاك يجب أن تستمر، وفي المقابل فإن هناك 4 ملايين أسرة تستفيد من قانون الإيجار القديم، وهي مهددة بخسارة مسكنها لو تم تعديل القانون بهذا الشكل، في ظل اقتصاد يمر بمرحلة انتقالية وإصلاح هيكلي يؤثر بالفعل على المواطنين، خاصة مع نسب التضخم العالية، وهو ما يهدد بفقدان هذه الأسر استقرارها في وقت باتت أغلب هذه الفئات تستحق الدعم، خاصة وأن محدود الدخل لم يعد من لا يتخطى دخله 1200 جنيه، وصار من يحصل على دخل أعلى يحتاج الدعم أيضًا.
وبجسب المعلومات التي يوفرها مشروع 10 طوبة عن السكن في مصر، فإن 54,3٪ من المصريين تجاوزت متوسطات الإيجارات وأسعار المنازل ما يمكن أن يتحملوه حسب لدخولهم، حيث يدفع أكثر من نصف هذه الأسر ربع دخولهم لاستئجار منزل متوسط السعر، بينما توازي قيمة المساكن متوسطة السعر والتي تقدر قيمتها بـ 225,000 جنيه ما يقارب من سبعة أضعاف مداخيل 49,2٪ من الأسر المصرية.
وبينما يعتبر المواطنون في الصعيد هم الأقل قدرة على تحمّل تكاليف السّكن، لا يستطيع ما يقارب من نصف الأسر التي تسكن القاهرة تحمّل تكاليفه، وتعود هذه الفجوة إلى أن النمو في أسعار الأراضي والمنازل قد يفوق بكثير النمو في الدخل، حيث على مدى السنوات الثمان الماضية نمت أسعار المنازل في مصر بنسبة 19,6٪ سنويًّا، في حين نما متوسط الدخل فقط بنسبة 5,4٪ سنويًّا خلال نفس الفترة الزمنية، وهو ما يسبب زيادة في نسبة تكلفة الإيجار من دخل الأسر في مصر (35%-40%)، مقابل الولايات المتحدة (30%)، في وقت يمثل إجمالي نصيب المواطن المصري من الدخل القومي 18.8% من نصيب نظيره الأمريكي.
ارتفاع أسعار الإيجارات (المحررة) وقيمة الوحدات التمليكية، يجعل أغلب الأسر غير القادرة تلجأ إلى السكن فيما يسميه المشروع بالعمران المحروم، وهو العمران المفتقر إلى واحد أو أكثر من ستة مقومات للسكن الملائم، وهم: القدرة على تحمل التكاليف، والمسكن الآمن، وأمن الحيازة، ومساحة المعيشة الكافية (التزاحم)، ومياه الشرب الآمنة، والصرف الصحي المحسَّن، وهو ما تسكن فيه ثلث الأسر المصرية بالفعل (34,1٪) .
تدرك رسمية هذا الأمر بالفعل، لأنها جربته مع ابنها الأصغر خالد "ابني الصغير ده لما دور على سكن عشان يتجوز ما سكنش في الزيتون، دور على أماكن أبعد عشان تبقى أرخص، زي عين شمس والحتت ديه"، تقول رسمية إن الجيل الجديد يستطيع التكيّف لأنه يعرف القانون بالفعل وينطبّق عليه "ولو حد مش قادر يتجوز بيقعد مع أهله"، بعكس حالتها "أنا مأجرة على الوضع ده وبقالي سنين، بعد العمر ده كله وقاعدة ومستقرة يقولولي شوفي سكن بديل؟ أنا كبيرة على البهدلة ديه".
احترام العقود أم الأبعاد الاجتماعية؟
في حديث هاتفي مع المنصّة، يقول شريف الجعار، محامي ورئيس لجنة الدفاع عن حقوق مستأجري مصر إن العقود التي تم إبرامها في ظل القانون القديم يجب احترامها، خاصة وأن أغلب المستأجرين بموجب هذا القانون كبار في السن ويعانون من انخفاض دخولهم "واحدة من المستأجرين عندي معاشها 350 جنيه، لو القانون اتعدل ديه تعمل إيه؟"، يرى الجعار أن التعديلات بشكلها الحالي تراعي مصالح الملاّك فقط دون النظر لمصلحة المستأجرين "المستأجرين ده شخص اتعرضت عليه سلعة بسعر معين وأبرم على الأساس ده عقد هو ملتزم بيه، ودفع عشانه خلو رجل".
على الناحية الأخرى، فإن بقاء هذه العقارات بمقابل زهيد لأصحابها يجعل من الصعب ترميمها والاهتمام بها وإطالة عمرها، ففي مشروع المبادرة المصرية للحقوق الشخصية حول أسباب انهيار العقارات في مصر، ذكرت المبادرة أن أغلبية ملاك المباني تخضع مبانيهم لقانون الإيجار القديم وهم غير قادرين على ترميمها، كما يشير مشروع المبادرة الذي حصر حوادث انهيارات المباني بواقع 392حادثة انهيار على مستوى مصر خلال سنة واحدة من يوليو 2012 إلى يونيو 2013، 112 حالة منها كانت بسبب تهالك وتقادم المبنى بسبب عدم وجود صيانة دورية وترميم.
إضافة إلى تضرر أبو العزايم بسبب عدم قدرته ترميم عمارة والده، فإنه يرى أن الدولة أيضًا تتضرر، فهو يدفع، بسبب مدخول العمارتين المتدني، ما يوازي ثلاثة جنيهات كضرائب عقارية "تخيلي لو الشقق ديه اتأجرت بسعرها الحقيقي الدولة هيدخلها قد إيه، مليارات"، إضافة إلى لإغلاق الكثير من الوحدات دون داعٍ وهو ما يؤثر على الطلب على الوحدات المؤجّرة، هذا ما أصر عليه عمرو حجازي، صحفي ونائب رئيس جمعية المضارين من قانون الإيجار القديم في حديث هاتفي للمنصّة، يقول حجازي إن البعد الاجتماعي هي مسألة منوط بالدولة مراعاتها، وليس على حساب أصحاب المشاريع العقارية الخاصة "الدستور بيقول صراحة إن ديه مسؤولية الدولة، القانون ده بيضيّع ثروة عقارية على أصحابها وعلى البلد".
كل ما استطاع أبو العزايم أن يفعله مع عناد السكّان الباقين في عمارته المحتاجة إلى ترميم، هو وضع "كامر حديد على السّقف عشان يمسكه وما يتهدّش"، راجيًا الله أن يحل الموقف سريعًا حتى لا يضطر تحمّل المسؤولية القانونية لأي ضرر يحدث بسبب عدم تنفيذه لقرار الترميم للعمارة "قرار الترميم بيقول أنا المسؤول، لو حتى حد من المارة حصله حاجة أنا المساءل قانونًا، ومع الوقت المبلغ اللي العمارة محتاجاه عشان الترميم بيزيد، في 2005 كانت محتاجة 300 ألف جنيه، دلوقتي ولا مليون جنيه".