خمس سنوات قضاها طارق مضطرًا خارج منطقة إقامته بـمثلث ماسبيرو، وسط القاهرة، بعدما شرعت الحكومة منتصف 2018 في هدم مبانيها تحت مسمى "التطوير"، وأجبرت قاطنيها على الرحيل. لكن أثناء عودته أواخر مايو/أيار 2023، تفاجأ رب الأسرة بالمساحة الصغيرة لشقته البديلة (60 مترًا)، التي وصفها بـ"غير المناسبة لطبيعة حياة أسرته"، ووجود أعباء مالية جديدة أصبح مجبرًا على سدادها.
وفي خريف 2022، قطع موظفو مجلس المدينة المرافق من كهرباء وغاز ومياه عن قاطني وملّاك 150 عقارًا بمنطقة الخصوص بمحافظة القليوبية شمال القاهرة؛ لإجبارهم على الخروج منها، خطوةً أخيرةً قبل الشروع في هدم العقارات التي تعترض مسار تطوير الطريق الدائري، من دون توفير سكن مؤقت أو بديل أو حتى صرف تعويضات مالية؛ وهو ما اعترضت عليه عائلة إبراهيم التي تمتلك عقارًا مكونًا من خمسة طوابق، مع غيرها من أهالي المنطقة.
بالتزامن مع هذا التطوير الذي امتد من منطقة إلى أخرى، وافق البرلمان المصري على إجراء تعديلات قدّمتها الحكومة على قانون نزع الملكية للمنفعة العامة مرتين؛ الأولى في أبريل/نيسان 2018، والثانية في سبتمبر/أيلول 2020، وسهّلت هذه التعديلات تنفيذ خطط التطوير، كما يقول يحيى شوكت، خبير سياسات وتشريعات الإسكان والعمران، الذي يرى القانون أحد أهم أدوات الحكومة فى تخطيط المشاريع العمرانية وتنفيذها.
الخيارات المتاحة
لإجلاء أهالي منطقة مثلث ماسبيرو، وضعت الحكومة ممثلة في محافظة القاهرة أمامهم ثلاثة بدائل للاختيار بينها، هي التعويض المادي، أو شقق بديلة، أو العودة بعد التطوير. وكان طارق من ضمن 900 أسرة اختارت العودة؛ في حين تنوعت اختيارات باقي أهالي المنطقة، المقدر عددهم بــ 4 آلاف و600 أسرة، بين الحصول على تعويض مادي أو شقة سكنية بحي الأسمرات.
كان اختيار طارق للعودة مرتبطًا بأنها المنطقة التي ولد وعاش فيها 30 عامًا، وتدور فيها وحولها تفاصيل حياة أسرته؛ رغم صعوبة الشروط التي وضعتها الحكومة، وتسببها في معاناته، التي وصفتها مسؤولة مبادرة الحق في السكن، منال الطيبي، بـ"الصعبة والمعقدة".
لم يعد خيار العودة إلى المنطقة بعد تطويرها، خاصة المناطق المميزة ذات الطابع الاستراتيجي، متاحًا من بين الخيارات التي وضعتها حكومة مدبولي أمام سكان المناطق الخاضعة للتطوير. وهو ما حدث مع عائلة إبراهيم التي كانت تمتلك عقارًا مكونًا من خمسة طوابق بمنطقة الخصوص، وانحصر اختيارها بين التعويض المادي أو استلام شقة بإحدى المدن الجديدة بنظام الإيجار التمليكي، فاختارت التعويض المادي؛ لكنّها تفاجأت بعد أيام، مع عائلات أخرى، بقطع المرافق عن عقاراتهم ومطالبتهم بالخروج منها لهدمها، قبل استلامهم التعويضات أو توفير سكن مؤقت، أو حتى صرف التعويض المادي.
كان رد موظفي الحي، الذين يتحركون برفقة قوة أمنية، على اعتراضات الأهالي "اتصرفوا". وحتى لا يُتَّهم إبراهيم بمقاومة السلطات أو منعها من تنفيذ عملها، اضطر الشاب وعائلته إلى المكوث مع غيرهم من الأهالي في الشارع لمدة 33 يومًا؛ حتى تمكن من صرف التعويض الذي يراه ثمنًا بخسًا، ولن يمكّنه من شراء بيت آخر، كبيت أسرته الذي هُدم من أجل التطوير الحكومي.
إبراهيم وجيرانه في منطقة الخصوص، وطارق وأبناء منطقة ماسبيرو، كانوا أوفر حظًا من غيرهم؛ ففي بعض مناطق الجيزة وضواحيها تأخر صرف تعويضات نزع الملكية إلى ثلاثة أعوام، وهو ما دفع وكيل لجنة القوى العاملة بالبرلمان، النائب إيهاب منصور، لتقديم طلب استجواب لرئيس الحكومة.
ولم تقتصر "عمليات التطوير" على المناطق العشوائية وغير المخططة بإقليم القاهرة الكبرى، بل امتدت إلى مناطق مرخصة ومخططة؛ كشارع ترسا بجنوب الجيزة ومنطقة ألماظة شرق القاهرة، والحي السادس بمدينة نصر.
حتى عوامات النيل الفاخرة، وما تمثله من قيمة تراثية كبيرة؛ حيث كانت سكنًا للأثرياء من الفنانين، والسياسيين، والباشاوات منذ ثلاثينيات القرن الماضي، تعرضت للإزالة تحت مسمى "إعادة هيكلة المظهر الحضارى لنهر النيل". وهو ما حدث مع الخمسينية نعمة، التي قضت 27 عامًا داخل عوامتها المستقرة على ضفاف نهر النيل بالعجوزة. تصف نعمة حالها قائلة "المكان ده بالنسبالي كيان عشت نص عمري فيه، ذكرياتي وأحزاني كلها كانت هنا، هما بيشيلوا جزء من حياتي وبيرموه".
يرى الباحث العمراني أحمد زعزع أن موجة الإزالات والإخلاءات التي حدثت، خلال السنوات الأخيرة، لم تشهدها مصر في تاريخها خلال العقود الماضية، وأن تبعاتها مرعبة ومخيفة، حيث أُجبر 220 ألف مواطن على ترك منازلهم خلال الأعوام الستة الماضية في القاهرة فقط، وهؤلاء تأثروا اقتصاديًا بسبب زيادة الإنفاق وانخفاض الدخل، واجتماعيًا بسبب انفراط الترابط الأسري، وفق الباحث العمراني.
"تكفل الدولة للمواطنين الحق في السكن الملائم والآمن والصحي بما يحفظ الكرامة الإنسانية ويحقق العدالة الاجتماعية"
المادة 78 من الدستور المصري
شتات بأمر حكومي
قبل رحيل طارق من منطقة مثلث ماسبيرو كان يعيش في منزل عائلته، رفقة والدته وزوجته وأشقائه، كل منهم مع زوجته وأبنائه في شقة. لكن بعد قرارات الإخلاء الحكومية؛ تفرق شمل العائلة، فمنهم من استأجر شقة بحي الكيت كات، ومنهم من انتقل إلى أماكن أخرى داخل محافظة الجيزة؛ في حين انتقل طارق وزوجته وأطفاله ووالدته إلى منزل آخر، يمتلكه والده في منطقة بولاق الدكرور بمحافظة الجيزة.
ولكن الأسرة لم تتأقلم على السكن الجديد؛ بسبب بُعده عن مدرسة الأبناء ومكان العمل مع الأعباء المالية الجديدة. مع تزايد ضيق زوجته قرر طارق الانتقال إلى مسكن بالقرب من سكنه القديم، فاستأجر شقة صغيرة في وكالة البلح بمنطقة بولاق أبو العلا بالقاهرة، وظلت والدته في منزل بولاق الدكرور بمفردها.
ما حدث مع أسرة طارق، تكرر مع أسرة إبراهيم التي كانت تقيم بمنطقة الخصوص بالقليوبية، فلم يعد إبراهيم يسكن بجوار أشقائه، وهو المصير نفسه من فُرقة وشتات الذي واجهه الآلاف غيرهم.
الحـق في السكن اللائق لا ينبغي أن يفسر تفسيرًا ضيقًا، فهو أكثر من مجرد أربعة جدران وسقف، ويحترم الهوية الثقافية ويعبر عنها، وهو الحق في العيش في مكان ما بأمان وسلام وكرامة.
لجنة الأمم المتحدة للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية
كان ترك المدن الجديدة التي خصصتها الحكومة لآلاف العائلات خيار 220 أسرة من بين الأهالي الذين اضطروا إلى مغادرة ماسبيرو، واستقروا في حي الأسمرات الجديد بالمقطم. لكن بعد فترة لم يستطيعوا التأقلم مع مسكنهم الجديد؛ فقرروا الانتقال إلى بشتيل؛ وهو حي شعبي يشبه المنطقة التي جاءوا منها، ما يُعدّ نتيجة مباشرة لتعامل الحكومة وأجهزتها مع مسمى "السكن اللائق" بمفهومه الضيق.
السكن اللائق لا يكون منقطعًا عن فرص العمل، ويراعي الاحتياجات الخاصة للفئات المحرومة والمهمشة.
لجنة الأمم المتحدة للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية
ويُرجع الباحث العمراني أحمد زعزع، الذي كان أحد العاملين في مشروع ماسبيرو في مراحله الأولى، سبب ترك الأهالي للأحياء السكنية الجديدة، إلى اختلاف أسلوب المعيشة فيها عما اعتادوا عليه؛ فمثلًا حي الأسمرات وغيره من المناطق السكنية الجديدة، يُمنع فيه ممارسة أي عمل تجاري بالأدوار الأرضية، وهو ما يُعدّ أحد مصادر الدخل الأساسية لهذه الطبقة الاجتماعية.
"المنفعة العامة لا تخص الدولة فقط لكنّها تخص السكان أيضًا"، وهو ما يفسره الباحث العمراني يحيى شوكت، خبير تحليل سياسات وتشريعات واستراتيجيات الإسكان والعمران بقوله "هناك منفعة عامة يمكن أن يستفيد منها المواطنون بشكل كبير، وهنا يمكن نزع الملكية، بعد مناقشة هذا الأمر، من خلال مشاركة مجتمعية لتوضيح أنّ القرار سيعود بالنفع على الجميع".
ويوضح شوكت "أن نزع الملكية مرتبط بظرف طارئ عام؛ مثل حالة الحرب أو كارثة طبيعية. لكن في إطار التخطيط الذي تضعه الحكومة؛ ينبغي أن توضع خطط لفترات طويلة من أجل إعطاء الوقت الكافي لممارسة كامل حقوق الملاك، وحصول المتضررين على التعويض الكامل والمناسب قبل نزع الوحدة السكنية".
الإخلاء القسري يجري لأسباب شتى منها فسح المجال لمشاريع التنمية والبنية التحتية وإعادة التطوير الحضري أو تجميل المدن. وتُعدّ الحماية من الإخلاء القسري عنصرًا أساسيًا من عناصر الحق في السكن اللائق. وكذلك حماية الفرد من عمليات الإخلاء القسري ومن تدمير وهدم مسكنه تعسفًا.
لجنة الأمم المتحدة للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية
الإخلاء القسري هو نقل الأفراد والأسر أو المجتمعات المحلية، بشكل دائم أو مؤقت رغم إرادتهم من المنازل أو الأراضي التي يشغلونها، دون إتاحة سُبل مناسبة للحماية القانونية، كما يعرفه برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية/الموائل.
وفي هذا الشأن تقول منال الطيبي، الناشطة ومسؤولة مبادرة الحق في السكن "لذا لا يمكن لأي مسؤول أو جهة تنفيذية إجلاء المواطنين أو إزالة منازلهم، من دون الدخول في مفاوضات معهم، والتوصل إلى نتيجة أفضل تناسبهم، وتوفر احتياجاتهم الخاصة في مكانهم الجديد؛ وإلا يصبح الأمر إخلاءً قسريًّا، وهذا الأمر مجرّم في القانون الدولي".
يتجاوز عدد المناطق السكنية التي طالتها خطط التطوير الحكومية بإقليم القاهرة الكبرى، المائة منطقة، وفق بيانات صندوق تطوير العشوائيات. ورغم التباين الاجتماعي والثقافي والاقتصادي بين منطقة وأخرى؛ لكن كل منطقة يسودها نسيج سكاني وعمراني خاص، وتربط أغلب قاطنيها روابط اجتماعية وعلاقات اقتصادية ونشأة ثقافية متشابهة.
وترى الطيبي أن الحكومة وأجهزتها التنفيذية تعاملت مع السكن في هذه المناطق باعتباره "أربع حيطان وسقف"؛ أي مجرد جماد، وليس المكان الذي تتمحور حوله الحياة بتشعباتها من عمل وتعليم وصحة وبيئة ووضع اجتماعي واقتصادي.
الحق في السكن اللائق لا يمنع قيام المشاريع الإنمائية. فهناك احتياجات لا سبيل إلى تفاديها لإعـادة تطـوير بعض المناطق في المدن المتنامية، وإنما يفرض شروطًا وقيودًا إجرائية.
المهمّ هو الطريقة التي توضع بها التصورات لهذه المشاريع وطريقة تصميمها وتنفيذها. فكثيرًا ما تنفذ بقليل من التشاور، أو دون التشاور، مع المتضررين، وبذل الجهد الكافي لوضع حلول تقلّل إلى الحدّ الأقصى من حجم الإخلاء وما يتسبب فيه من اضطراب.
لجنة الأمم المتحدة للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية
معاناة بأمر حكومي
تسببت السياسات الحكومية في إخلاء المناطق التي خضعت للتطوير في معاناة اقتصادية لقاطنيها، بسبب إجبارهم على الرحيل وحصولهم على تعويض مادي لم يمكّنهم من امتلاك شقة بالمواصفات نفسها التي تركوها. وهو ما حدث مع عائلة إبراهيم بالخصوص؛ حيث اضطر إلى استئجار شقة، بمبلغ ألف و200 جنيه شهريًا، ما يعادل ثُلث راتبه الشهري (4 آلاف جنيه)، في حين واجه شقيقه الذي يعمل نقاشًا ظروفًا أكثر صعوبة؛ بسبب عدم وجود دخل ثابت، فلجأ إلى الإنفاق من قيمة التعويض، لدفع إيجار شقته وتوفير احتياجات أطفاله الثلاثة. أما ثالثهما الذي كان يستعد للزواج، فقرر العدول عن الفكرة بسبب الضائقة المالية.
"الملكية الخاصة مصونة، ولا تُنزع إلا للمنفعة العامة ومقابل تعويض عادل يدفع مقدمًا وفقًا للقانون"
المادة 35 من الدستور المصري
ويرى النائب إيهاب منصور أن المشكلة ليست في القانون، لكن في الإجراءات واللجان القائمة على التنفيذ. وطبقًا للقانون، تُشكّل لجان لتقييم الوحدات، ويكون تقييمها غالبًا "غير عادل"، كما حدث في بعض الحالات التي وثّقها النائب البرلماني في دائرته؛ حيث كان يتمّ احتساب الغرف وتجاهل الحمام والمطبخ، وفي حالات أخرى كانت تُقدر اللجنة مبلغ 40 ألف جنيه تعويضًا للغرفة الواحدة، وإذا احتسبت تعويضًا عن المطبخ والحمام؛ فإنها وفي المقابل تُخفّض قيمة تعويض الغرفة إلى 25 ألف جنيه فقط، وفق منصور.
"بخلاف عدم تطبيق القانون الذي ينص على أن تُعلّق ورقة رسمية بالبيانات على العقار قبل نزع الملكية بشهر، موضح بها قيمة التعويض وتفاصيله، لكن ذلك لم يحدث على أرض الواقع"، يضيف منصور، وهو ما أكده مَن تحدثنا معهم في منطقة الخصوص.
انعكس انخفاض قيمة الجنيه والأزمة الاقتصادية التي تعانيها مصر، سلبًا على المتضررين من عملية التطوير، خاصة أن بعضهم أُخطر بقيمة التعويض، لكنّه لم يتمكن من صرفه حتى الآن؛ وبالتالي أصبحت قيمة التعويض أقل مع تراجع قيمة الجنيه. وفي المقابل ارتفعت أسعار العقارات والشقق، لتزيد الأمر تعقيدًا على المواطنين، وفق البرلماني إيهاب منصور.
لذا، ترى منال الطيبي مسؤولة الحق في السكن أن الإحلال والتجديد في المكان نفسه، مثلما حدث في منطقة روضة السيدة زينب بالقاهرة، هو الحل الأمثل. لكنّ أغلب المشاريع التي أخلتها الحكومة منذ عام 2014، ظلمت سكانها، حتى مَن قرروا البقاء واجهتهم صعوبات دفعت بعضهم إلى الرحيل.
وتتساءل مسؤولة الحق في السكن "لماذا تبخل الدولة بالتعويضات المناسبة على السكان في مثل تلك المناطق؟ في حين أنها تستفيد منها بشكل كبير ماديًا، خاصة أنها تستغل أراضي المناطق المميزة في مشاريع إسكان فاخر استثماري"، وهو ما وصفته منال الطيبي بـ"الطمع الحكومي" في تحقيق مكاسب مادية على حساب قاطني هذه المناطق.
التخطيط لتطوير منطقة مثلث ماسبيرو من البداية اعتمد على ارتفاع التقييم الاقتصادي لأرضها المطلة على كورنيش النيل، واعتبارها مصدر جذب للاستثمارات وأصحاب الأموال ممن يرغبون في السكن بتلك المنطقة المميزة.
مبادرة الحق في السكن
الحكومة كسمسار ومنافس عقاري
بعد مرور خمس سنوات، انتهت وزارة الإسكان بالتعاون مع شركات خاصة من تطوير منطقة مثلث ماسبيرو، التي يُطلق عليها حاليًا أبراج ماسبيرو، كمجتمع سكني مغلق/كومباوند، باستثناء الجزء المخصص لأهالي المنطقة الذين اختاروا العودة إليها بعد التطوير.
طارق ووائل كانا من بين سكان ماسبيرو الذين اختاروا العودة بعد التطوير. يحكي وائل، وهو أحد شباب المنطقة وعضو رابطتها، أنّهم تفاجأوا بمواصفات غير التي كُتبت في العقود، وأن الوحدات لم يتمّ تجهيزها بالكامل، وهناك وحدات لم تدخلها المرافق، بالإضافة إلى عدم تركيب المصاعد في بعض العمارات؛ رغم ارتفاعها الذي يتجاوز الـ15 طابقًا.
ويضيف وائل أنه رغم كل هذا اضطر هو وجيرانه إلى دفع 13 ألفًا و500 جنيه خدمات ومرافق، وباتوا يدفعون إيجارًا شهريًا ألف جنيه، دون الإقامة في هذه الوحدات منذ أبريل 2023.
تقول منال الطيبي إنه قبل عام 2014 كان مركز الحق في السكن يتفاوض مع الحكومة بشأن الحالات المتضررة من السكان "كنا نصل إلى حلول مرضية للطرفين سواء المواطن أو الحكومة، لكن حاليًا السكان يتملكهم الخوف من مخالفة أي قرار تصدره الحكومة بشأن منازلهم، سواء بالإخلاء أو الإزالة، أو حتى الاعتراض على مبالغ التعويض؛ بسبب الوضع السياسي الحالي".
في الوقت الذي لا تزال الحكومة وأجهزتها التنفيذية مستمرة في تنفيذ خططها للتطوير، يترقب سكان مناطق أخرى، منها سكان الحي السادس والسابع بمدينة نصر شرق القاهرة، هدم منازلهم وترحيلهم من أجل تطويرها.
وينتظر وائل وطارق أن تستكمل وزارة الإسكان إدخال المرافق إلى وحدتيهما، ودفع المستحقات المالية المتبقية، في حين تترقب نعمة، التي كانت تسكن العوامة، السماح لها بالعودة إلى عوامتها التي تدرس وزارة الري استقرارها في مكان آخر على ضفاف النيل، خارج حدود "نيل القاهرة الكبرى"، الذي أُجبرت على مغادرته بعد قرابة ثلاثة عقود من العيش على ضفافه. ولا تزال عائلة إبراهيم تتمنى امتلاك منزل آخر من خمسة طوابق يجمع أفرادها، كما كانوا قبل التطوير الذي حوّلهم من ملاك عقار إلى مستأجرين لشقة بمنطقتهم نفسها، التي تصنفها الحكومة عشوائية حتى اليوم.
تنشر المنصة هذا التحقيق بالتزامن مع "إعلاميون من أجل صحافة استقصائية عربية" (أريج) في إطار اتفاق شراكة.