أكدت المنظمة السورية للطوارئ، ومقرها الولايات المتحدة، أمس، اكتشاف مقبرة جماعية خارج العاصمة دمشق تحوي ما لا يقل عن 100 ألف جثة لأشخاص قتلتهم حكومة بشار الأسد، في وقت قال السفير الأمريكي السابق لقضايا جرائم الحرب ستيفن راب، الثلاثاء، إن الأدلة التي ظهرت من مواقع المقابر الجماعية كشفت عن "آلة الموت التي أدارتها الدولة في عهد الأسد".
وقال رئيس المنظمة السورية للطوارئ معاذ مصطفى في مقابلة هاتفية مع رويترز من دمشق إن موقع المقبرة في القطيفة على بعد 40 كيلومترًا شمال العاصمة السورية كان واحدًا من 5 مقابر جماعية حددها على مر السنين، مضيفًا "مائة ألف هو التقدير الأكثر تحفظًا لعدد الجثث المدفونة في الموقع. إنه تقدير متحفظ للغاية وغير عادل تقريبًا".
ما يوصف بأنه أكبر مقبرة جماعية في سوريا، لم تُفتح بعد، وما قامت به حتى الآن المنظمة السورية هو التحقق من دقة المعلومات التي جُمعت عن المقبرة، حسب BBC.
وحثت المنظمة السورية أمس "جميع المنظمات الإنسانية ووسائل الإعلام والإعلامين في سوريا على الامتناع عن لمس أو جمع عينات من المقابر الجماعية، نظرًا لحساسية هذه القضية التي تتطلب تدخل فرق دولية متخصصة في الطب الشرعي وتحليل الحمض النووي".
وقالت على إكس "تعمل المنظمة السورية للطوارئ حاليًا على وضع آلية تساهم في التنسيق بين المؤسسات الدولية الخبيرة والمجتمع المدني السوري، بهدف البدء بالطريق الطويل نحو كشف الحقيقة وتحقيق العدالة للعائلات السورية اللتي تنتظر الإجابات عن أبنائها".
وقال معاذ مصطفى إنه متأكد من وجود مقابر جماعية أكثر من المواقع الخمسة، وإن القتلى بينهم مواطنون أمريكيون وبريطانيون وأجانب آخرون، متهمًا فرع المخابرات في القوات الجوية السورية بالمسؤولية عن نقل الجثث من المستشفيات العسكرية "حيث جمعت بعد تعرض أصحابها للتعذيب حتى الموت، إلى فروع مخابرات مختلفة، قبل إرسالها إلى موقع المقبرة الجماعية".
وأضاف أن الجثث نُقلت أيضًا إلى المواقع بواسطة مكتب الجنازات البلدي في دمشق الذي ساعد موظفوه في نقلها من شاحنات مبردة. وقال "تمكنا من التحدث إلى الأشخاص الذين عملوا في هذه المقابر الجماعية والذين فروا من سوريا بمفردهم أو ساعدناهم على الفرار".
وأشار إلى أن منظمته تحدثت إلى سائقي جرافات أجبروا على حفر القبور، و"في كثير من الأحيان وبناء على الأوامر، تم سحق الجثث قبل أن يهيلوا عليها التراب". ولم تتمكن رويترز من تأكيد مزاعم مصطفى.
من جهته، قال السفير الأمريكي السابق لقضايا جرائم الحرب ستيفن راب، لرويترز، إن الأدلة التي ظهرت من مواقع المقابر الجماعية في سوريا كشفت عن آلة الموت التي أدارتها الدولة في عهد بشار الأسد، وتشير تقديرات راب إلى أن ما يزيد على 100 ألف شخص تعرضوا للتعذيب والقتل منذ 2013. وكان راب يعمل في مكتب العدالة الجنائية العالمية التابع لوزارة الخارجية الأمريكية.
وقال راب بعد زيارة موقعين لمقابر جماعية في بلدتي القطيفة ونجها قرب دمشق "لدينا بالتأكيد أكثر من 100 ألف شخص تعرضوا للإخفاء والتعذيب حتى الموت في هذه الآلة، لا يوجد لدي شك كبير بشأن هذه الأرقام بالنظر إلى ما رأيناه في هذه المقابر الجماعية، لم نشهد شيئًا كهذا منذ عهد النازيين".
ويعمل راب حاليًا مع المجتمع المدني السوري لتوثيق أدلة جرائم الحرب ويساعد في التحضير لأي محاكمات في نهاية الأمر، وسبق أن تولى مسؤولية الادعاء أمام محكمتي جرائم الحرب في رواندا وسيراليون.
وتتهم جماعات معنية بحقوق الإنسان وحكومات أخرى الأسد الابن والأب الذي سبقه في رئاسة سوريا وتوفي عام 2000، بارتكاب عمليات قتل واسعة النطاق خارج نطاق القضاء، بما في ذلك وقائع إعدام جماعية داخل السجون واستخدام الأسلحة الكيماوية ضد شعبه، حسب رويترز.
ونفى الأسد، الذي فر إلى روسيا، مرارًا ارتكاب حكومته انتهاكات لحقوق الإنسان ووصف معارضيه بالمتطرفين.
وشنت هيئة تحرير الشام، جبهة النصرة سابقًا، هجومًا مباغتًا ضد النظام السوري في 27 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، انتهى إلى إسقاطه في غضون 10 أيام بانسحاب الجيش السوري وهروب بشار الأسد إلى روسيا لاجئًا.
وفي 2023، اتهمت منظمة العفو الدولية الحكومة بإخضاع عشرات الآلاف من الأشخاص، بما في ذلك صحفيون ومدافعون عن حقوق الإنسان ومحامون ونشطاء سياسيون للاختفاء القسري، وظلَّ كثيرون منهم مختفين لأكثر من 10 سنوات.